قصف الائتلاف الذي تقوده السعودية أمس، الخميس، شمالي اليمن، الذي تسيطر عليه القوات الحوثية بالكامل، حافلة بالقرب من أو داخل سوق، لتقتل عشرات أو أكثر من ذلك من المدنيين. وكان من بين القتلى 29 طفلا على الأقل كانوا في طريقهم لإقامة معسكر صيفي. وقد أصر السعوديون على مشروعية هذه "العملية"، زاعمين أنها كانت ردا على صاروخ حوثي أطلق على جنوبي المملكة، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل شخص واحد. إن هؤلاء الحلفاء لـ"المجتمع الدولي"، أي الإمبريالية، يدافعون بوقاحة عن مجزرة بالاستعانة بمفهوم الرد الانتقامي! فما الذي يمكن أن تفعله مذبحة ضد أطفال في الثامنة أو التاسعة من العمر مع رد عسكري؟ إن هؤلاء ليس لديهم الحد الأدنى من الأخلاق ليعترفوا بأكثر أنواع الخطأ وضوحا. ومن الطبيعي أن يتذكر المرء أنهم قصفوا بشكل ممنهج في الماضي المدارس والمستشفيات والأعراس وحتى الموتى خلال مراسم تشييع جنازاتهم.
نحن ننشر أدناه بيانا صوتت عليه مواجهة الطوارئ الأورومتوسطية التي عقدت مؤخرا في مدينة إريتريا اليونانية في الفترة ما بين 23 – 25 يوليو/تموز 2018، داعين للدفاع عن الشعب اليميني في مواجهة السعودية والإمارات وحلفائهما.
إننا أمام مأساة إنسانية تكاد تكون مهملة في الشرق الأوسط تدمر اليمن وشعبها؛ إذ تشن السعودية والإمارات حربا على اليمن منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، أي منذ مارس/آذار 2015. ولا تستهدف قوات هذا التحالف الأهداف العسكرية فحسب، بل إنها قصفت كذلك المدارس والمستشفيات والأعراس وحتى الجنائز. فاليمن يعتبر الدولة الأفقر في الشرق الأوسط، كما سيطر الجوع على شعبه الذي يعيش 80% منه فقط على المساعدات الإنسانية. كما أن نمو الرضع والأطفال الصغار مشوه بسبب سوء التغذية.
لقد تعرضت مدينة الحديدة منذ شهر، وهي ميناء عند مدخل البحر الأحمر، لهجوم نفذته القوات المسلحة الإماراتية. فهذا الميناء يعتبر نقطة دخول جزء كبير من الطعام الذي يأتي إلى اليمن من الخارج، وهو ما يعني أن معركة طويلة أو حصار يمكن أن يفضي إلى مجاعة ملايين البشر. ولقد توقفت الاشتباكات مؤخرا، لكنها يمكن أن تندلع مجددا في أي لحظة.
يعتبر العدوان السعودي – الإماراتي على اليمن حلقة مكملة للجهود التي تبذلها دول الخليج الرجعية لإخماد شرارة الثورة العربية التي وقعت بين عامي 2011 – 2013. وكانت اليمن هي الدولة التي وصلت فيها الثورة إلى أوجها بعد تونس ومصر. وقد سعت الإمبريالية، الولايات المتحدة وأوروبا، لتنفيذ "انتقال منظم"، وبعد مناورات ومكائد طويلة، استطاعت أخيرا أن تستبدل بعلي عبد الله صالح، الطاغية الذي حكم لثلاثين عاما، نائبه عبد ربه منصور هادي في فبراير/شباط 2012، وهو ما فسر على أنه إحياء للنظام القديم بثوب جديد. وبعد أن أخمدت شرارة الثورة العربية عقب هزيمة الثورة المصرية عام 2013، انتقل الكفاح لمجالات أخرى، إقليمية أو قبلية أو دينية. وبحلول عام 2014، أسقط منصور هادي، المدعوم من السعودية والنظام الإمبريالي، القوات المسلحة الحوثية، وهي القوة الشيعية التي كانت قد شاركت في ثورة اليمن. وبعد ذلك شنت السعودية والإمارات هجمات على اليمن بزعمهما أن الحوثيين تحركوا باسم إيران.
لقد كان هناك دليل دامغ على مساعدة إيران للحوثيين. بيد أن هذه ليست القضية، فالقضية هي أن الحوثيين مواطنون يمنيون، وهذا هو وطنهم الذين يدافعون عنه ضد التحالف السعودي – الإماراتي. ولهذا، فإن الحرب التي شنها الجيشان السعودي والإماراتي الرجعيان على اليمن تعتبر – بلا شك – حربا جائرة. فالمشيخات الخليجية تحاول السيطرة على اليمن، كما فعلوا ذلك سابقا في البحرين، وفشلوا فشلا ذريعا في فعله في سوريا.
إن الحرب السعودية – الإماراتية على اليمن مدعوما تماما من قبل الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، أو ما يسمى "المجتمع الدولي"، كناية عن الإمبريالية. إنه أحد المسارح الذي تجرّب فيه السعودية البروفة الأخيرة للحرب الطائفية الذي تخطط لشنها ضد إيران. ولو وقعت حرب كهذه، فإن الشرق الأوسط سيغمر في حمام من الدم، مع ظهور آثار غير مباشرة في دول كتركيا وباكستان.
إن مسؤولية كل الدوليين والمناهضين للإمبريالية أن يدافعوا عن اليمن في مواجهة عدوان دول الخليج الرجعية المدعومة والمحرضة من قبل الإمبريالية.
أوقفوا ذبح الشعب اليمني!
أوقفوا قصف اليمن!
ارفعي يديك عن اليمن يأيتها القوات السعودية والإماراتية!
ادعموا الشعب اليمني في مواجهة العدوان المدعوم من الإمبريالية!
اطردوا الإمبرياليين خارج الشرق الأوسط!