قامت وحدات حِماية الشعب الكردي وقوات بركان الفرات التابعة للجيش السوري الحر بتحرير بلدة تل أبيض الواقعة مقابل بلدة أكتشا قلعة المحاذية للحدود التركية من أيدي قوات داعش. وتمت عملية التحرير بِدعم جوي من قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. إن تحرير تل أبيض من قوات داعش سيُحقق لحزب الإتحاد الديمقراطي التقدم خُطوة مُهمة نحو الهدف الإستراتيجي لوحدةِ الكنتونات الكردية كوباني والجزيرة. وبهذا يخسر تنظيم داعش مركزاً مُهماً وهي مدينة الرقة التي كانت تعتبر مَوقعاً إستيراتيجياً للتنظيم على الحدودِ مع تركيا.
هزيمة داعش هي إنتصار
لا شَك أن هزيمة داعش تُشكل تَطوراً مهماً في المنطقة بفضل الدور الرئيسي الذي قام به حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي. وقد أظهرت التطورات أن الولايات المتحدة الأمريكية والجيش السوري الحُر لا يريدان تسليم هذا النصر إلى الشعب الكردي بمفرده. إن حِزب الإتحاد الديمقراطي ليس كالبرازاني مُوالي للولايات المتحدة الأمريكية وهو أيضاً ليس كالجيش السوري الحر مشارك في برنامج إعداد وتدريب قوات المعارضة السورية الذي تُشرف عليه الولايات الامريكية وتركيا وهذا يعني أنَّ حزب الإتحاد الديمقراطي ليس قوات مأجوره كالجيش السوري الحر. إن الدور المُهم الذي لعبه حزب الإتحاد الديمقراطي في عملية تحرير كوباني وتل أبيض أكسَب الحزب الصفة التقدمية لأن نِضال الحزب ووحدات حماية الشعب أكسبته نُضوجاً سياسياً وأبرزته كمدافع عن حقوق الشعب الكردي.
نِضال الشعب الكردي يفرض نفسة
الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا عَملت على أن تشبه تجربة كوباني ما قام به البرزاني والجيش السوري الحر ومن أجل ذلك بَقيت لفترة طويلة صامته تجاه حصار داعش لمدينة كوباني. إن حزب العدالة والتنمية في تركيا داعمٌ قوي لداعش. أما الولايات المتحدة الامريكية فهيَ عملت من أجل إضعاف حزب الإتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في كوباني كي تقوم قوات البرزاني والجيش الحر بتحريرالمدينة. وقد تحقق ذلك بشكل جزئي في إجتماع داهوك. بإختصار إن الشعب الكردي قاومَ في كوباني ولم يُهزم والكل شاهد هذه الحقيقة. إن القوات المأجورة والعصابات العميلة لم تُحقق أي إنتصار عسكري بينما قوات الحماية المُنبثقة من الشعب الكردي إستطاعت تحقيق الإنتصار وعلية لم تتحول كوباني لم إلى منطقة تابعةٍ للبرزاني والحال نفسة في تل أبيض. الناطق بإسم البيت الأبيض جوش إرنست قالَ؛-" إن تحالفنا أظهر انه بإمكانه تحقيق تقدم ملحوظ تجاه تنطيم داعش في حال وجود قوات عسكرية ماهرة على الأرض". وهذا التصريح يؤكد الحقيقة ويؤكد أيضاً أن الولايات المتحدة الأمريكية أُجبِرت على دعمِ قوات لم تكن تحت نفوذها وسيطرتها.
توحيد الكانتونات ليس مشروعاً أمريكياً
إن الخبر الذي نشرته صحيفة حريّات التركية تحدثت فيه عن موقف مُشترك لرئيس الجمهورية التركية ورئاسة الوزراء وقيادةِ القوات المسلحة بعدم الإعتراض لتراجع داعش أمام حزب الإتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب وعدم الإعتراض على الدعم الذي تُقدمة قوات التحالف. لكن إعلان حزب الإتحاد الديمقراطي عن تشكيل الكانتونات يُشكل مصدر قلق كبير لتركيا.
1
بالنسبةِ لتركيا فهي لا تريد إستخدام حزب الإتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب ولكنها لا تُريد أن تنفرد هذه القوى بما حققتهُ بإنتصارات على الصعيدين السياسي والعسكري. تركيا لا تملك ساحة واسعة للمناورة أمام حقيقة أن حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي هو القوة الوحيدة القادرة للوقوفِ أمام تنطيم داعش. وبعد ما تَحقق من إنتصار في تل أبيض بدأت تركيا بإستخدام ورقة التركمان وعملت لإيقاف تقد م حزب الإتحاد الديمقراطي وأثارت قضية التفرقة العرقية التي يتعرض لها التركمان من أجل زيادة نفوذها بالمنطقة. وفي موازة ذلك نوَّهت الولايات المتحدة الأميركية أن لا صحةَ لِما نُشر في وسائل الإعلام عن تحذيرات أمريكية لحزب الإتحاد الديمقراطي وهي لا ترى أن سياسة الحزب تذهب إلى تطهير عرقي وأن توحيد الكانتونات لا يبدو على المدى القريب مشروعاً سياسياً بل ضرورة من أجل تحقيق أهدافٍ عسكرية. ليس تركيا فقط بل الولايات المتحدة أيضاً لا تريد حُكماً مطلقاً لحزب الإتحاد الديمقراطي في المنطقة. بمعني آخر لا توجد منطقة كردية تُرِكَت لحزب الإتحاد الديمقراطي الذي ينتهج خط حزب العمال الكردستاني. إن الإصرار على إحتمال توحيد الكانتونات الكردية هدفهُ الزّج بالجيش السوري الحُر إلى جانب قوات حزب الإتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي لأنَّ تشكيل ممر كردي لا يمكن أن تقبلهُ تركيا بسهولة وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبناءاً عليه إنَّ تحرير تل أبيض لا يمكن إختزالهِ بعمليةٍ قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية ولا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من أهمية النضال الذي قامَ به الشعب الكردي في مواجهةِ داعش.
الدور الإمبريالي للولايات المتحدة لا يمكن النَّظر إليه كأنه دور هامشي
من جهةٍ اخرى إن التطورات التي جَرت في كوباني وتل أبيض والدور الذي قامت به الولايات المتحدة لا يمكن أن يُعَد دوراً هامشياً. إن عمليات القصف الجوي الذي قامت به الولايات المتحدة كان له دوراً مهماً خاصةً في مدينة الرقة التي تعتبير مركزاً لداعش وهي مَنعت وصول الإمدادات العسكرية إلى تل أبيض. إن عمليات القصف الجوي الذي قامت به الولايات المتحدة في كوباني ساعد في تغيير الوضع لصالح المقاومة. وكما قُلنا فإنَّ حزب الإتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي لن تصبح في دائرة الهيمنة الأمريكية كما هو الحال مع البرزاني ولن تتحول إلى قواتٍ مأجورةٍ كما هو الحال مع الجيش السوري الحُر, لكن هذا لا يعني عدم وجود علاقات بين الولايات المتحدة وحزب الإتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي. فالمتحدث بإسم حماية الشعب في كوباني بولاط جان أكد وجود مُمثلين لهم في مركز قيادة قوات التحالف الدولي وتحدث عن تعاونٍ كانت تقوم به قوات حماية الشعب الموجودة على أرض المعركة مع مركز قيادة التحالف وهذه الكلمات تعود لبولاط جان؛" نعم نحن نقوم بتحرك مشترك مع قوات التحالف الدولي في مجال الإستخبارات والمجال العسكري ونعمل بشكل مباشر في تحقيق الضربات الجوية" إن هذا التعاون إن بدى اليوم مهماً على صعيد تحقيق النتائج فإنه غداً يُحضّر لويلاتٍ كبيرة في المنطقة.
من يريد الحرية في الشرق الأوسط عاجلاً أم آجلاً عليه محاربة إسرائيل والولايات المتحدة
اليوم الولايات المتحدة بحاجةٍ إلى مقاتلين محليين ناجحين. لكن الولايات المتحدة تعمل بتصوير هؤلاء المقاتلين الناجحين على أنهم قوات مأجورة تعمل لديها. فاليوم تقدم الولايات المتحدة دعماً لوحدات حماية الشعب وتفتح الطريق أمامها ولكن لن يكون مفاجئاً غداً أن تَدخُل الولايات المتحدة في سيناريوهات دَموية للسيطرة على وحدات حماية الشعب الكردي. إحدى هذه السيناريوهات إستخدام الجيش السوري الحُر في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردي وفتح الطريق أمام الجيش التركي لتَدخُل عسكري في المنطقة وفي نفسِ الوقت غض النظر عن الهجمات التي تقوم بها جبهة النصره وحتى أنها تقوم بتسهيل تحركات تنظيم داعش. الولايات المتحدة تعمل لتثبيت فكرة " لا تستطيعوا العيش بدوننا". ونريد أن نذكرُ هنا أنَّ الإمبريالية الامريكية ستَعمل من أجل الحفاظ على مصالحها ولا تعير بذلك إي إهتمام لا للحضارة أو للمبادىء الديمقراطية.
2
إنَّ من يريد الحرية في الشرق الأوسط لا بُدَّ أن يَعرف أنَّ مُحاربة الولايات المتحدة الأميركية ضَرورة مُلحّة وعلى الجميع بما في ذلك حزب الإتحاد الديمقراطي أن يصيغ برامجهُ على هذا الأساس. إنَّ حِزب العمال الثوري الذي تحدث عن " مسيرة الحل" وقَبل تتكون روجاوه طرح شِعار" السلام للأكراد والحرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية, إن حزبنا يحافظ على هذا الشعار الذي أثبت صحته في ظلِ الظروف الجارية في الشرق الأوسط.
الطريق التي تسير في إتجاه الولايات المتحدة وإسرائيل لا تؤدي إلى إخوة الشعوب بل لزيادة العداوة بينها
إن النظرة الضيقة لِما يجري في الشرق الأوسط تجعلنا في موقف ضعيف تجاه سياسات الولايات المتحدة الأمريكية والدول الرجعية في المنطقة. إن التحالف مع الولايات المتحدة يعني تحالفاً مع داعش والجيش السوري الحُر. وفي النتيجة يفتح هذا التحالف الباب لعداوةٍ ضد العلويين والشيعة في منطقة الشرق الأوسط. التحالف بين البرزاني والولايات المتحدة إعتقدهُ البعض لفترةٍ طويلة أنه لإنقاذ الأكراد, لكن هذه السياسة دفعت بسنةِ العراق للتعاون مع داعش في هجومها على الأكراد والعرب الشيعة. التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية منح البرزاني إقليماً ذو حُكماً ذاتياً, ولكن ما يقارب المليون عراقي قُتِلوا بعد الإحتلال الأمريكي للعراق وللأسف تجذر العداء بين الأكراد والعرب. الآن وبمساعدة الميليشيا الشيعية يتمُ تطهيرالمناطق التي إحتلها داعش في العراق والواضح أنَّ المنظمات المذهبية والتكفيرية في تراجع, لكن على المدى الطويل يبدو أنها تجذرت بشكلٍ عميق. إنَّ السير في طريق موازي مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الصهيونية والدخول في ممر أو منطقة عازلة يعني دخول الشعوب في طريقٍ مسدود, ومزيدٍ من المجازر والحروب.
إنَّ حزب العمال الثوري وإنطلاقاً من موقعهِ ومكانتهِ المُهمّه في الشرق الأوسط ووقوفهِ إلى جانب الشعب الكردي في روجاوه ويُحيي نضال الشعب الكردي وتحرير تل أبيض من داعش وكما يُحيي أيضاً إتحاد كانتونات كوباني والجزيرة. ويدعو شعوب المنطقة وقواها الثورية والتقدمية إلى دعم تحرر الشعب الكردي. ويلفتُ الحزب الإنتباه إلى أنَّ ترك الشعب الكردي محتاجاً لدعمِ الولايات المتحدة وإسرائيل سيؤدي إلى نتائج رجعيّة.
اللجنة المركزية لحزب العمال الثوري
21 حزيران 2015